الواحدة بعد منتصف الليل كان يفترض بي أن أكتب لكَ قبل رحيلي، وأن اعتذر عن كل الأشياء القاسية التي قُلتها أثناء جدالاتنا المتكررة، عن كل المرات التي أخفقت فيها في اصلاح الصدع الذي كان يكبر بيننا وعن كل الكلمات التي لا يمكن استرجاعها بعد البوح بها. لا يمكن أن أُنكِر، لقد كان عاماً مذهلاً هذا الذي قضيناه معاً، لكن مثل كل الأشياء هناك نهاية حتى للأيام السعيدة التي نود لو تبقى للأبد. لن تصدق هذا لكنني وددت لو أبقى إلى جانبك ذاك المساء نمشي معاً حتى ساعات الفجر الأولى على شاطئ البحر ثم ألوّح لك وأنا ابتعد نحو منزلي وتصير يدي مثل حمامة بيضاء تطير إليك. لكن شيئاً أقوى مني كان يشدني بعيداً عنك، بقيت أقاومه طوال الوقت حتى تمكّن مني في نهاية المطاف. يؤسفني أنني لم استطع منع نفسي من المغادرة وأنني حين ودعتكَ للمرة الأخيرة التي كنتَ تظن أنها مثل كل المرات السابقة وداع قصير لساعاتٍ نلتقي بعدها في مقهانا المفضل على الطاولة الملاصقة للنافذة وكنت أعرف أنه فراقنا الأخير وأنني لن أراك أو أسمع منك لأعوام. الثانية بعد منتصف الليل تصعب الكتابة عن هذا، لأنني أدرك كم تبدو سخيفة محاولات تبرير أمرٍ...
حياتي لم تكن سهلة، عليّ أن اعترف بهذا. ها أنا أحارب منذ ألف عام ولا أدري حتى اللحظة إن كانت حروبي ستنتهي أم لا . الأمر أشبه بالغرق يا صديقي. حتى الصدفة، والحظ، لن يتيحا لي الارتماء على حافة النهر في لحظة عبور غريب يكتشف وجودي قبل خروج النفس الأخير، بل ستقودني إلى البحر، حيث الغرق أكبر. وهذا ليس تشاؤماً، فأنا أعبد الأمل ! لقد كانت مأساتي أنني لم أفقد الأمل حتى الآن، الأمل بماذا؟ لا أعرف ولا أريد أن أعرف المهم أن الأمل موجود في هذه الحياة وهذا كافٍ بالنسبة لي لأُمرر انتصاراتي الصغيرة من الفتحات الضيقة للحياة . أما بعد أيها الصديق، ولماذا أكتب إليك في الساعة الخامسة فجراً، فحتى أنا لا أدري ! لا تتعجب من الأمر، ولا تتعجب من كلمة صديقي أيضاً، لنفترض أننا أصدقاء وهكذا ببساطة ينتهي الأمر . على أي حال وقبل أن تدق الساعة الخامسة فجراً، ورغم أنّي لست مضطرة لتبرير الكتابة إليك في هذا الوقت، إلا أنني سأخبرك . دخلت حافلةً ما وجلست بجوار النافذة وفتحت كتاب السفينة لأكمل القراءة كما اعتدت أن أفعل منذ سبعة أو ثمانية أعوام. أنا صديقة الحافلات لأنها تمنحني المزيد من الوقت للقراءة. المهم وكي ل...
أعرف تماماً شعور الخذلان الدميم، أعرف ما يعنيه أن تخسر صديقاً وثقت به، فقد خُذلت مراتٍ ومرات من أصدقاء وأحباء، فقدتُ على مدى السنوات العشر الأخيرة، عدداً لا بأس به من الأصدقاء ولهذا أفهمك تماماً وأفهم ما تشعر به. هذه الغصة التي تَعلق في سقف الحلق مثل لقمة لا يمكنك بلعها أبداً. ولكن كما قلتَ نحن نتعلم من تجاربنا رغم قسوتها وهذا ما يجعلنا ننضج، رغم أن صديقتي المقربة تقول أننا يجب أن نتعلم أيضاً من تجارب الآخرين "لماذا أخوض تجربة ما وأنا أرى نتائجها السيئة على غيري، الشاطر هو من يتعلم أيضاً من كيس غيره وليس من كيسه فقط كما يقول المثل بالعامية" ولكنني مثلك، على مدى سنوات كنت أُصر على أن أجرب بنفسي، أن أتعلم من تجربتي مهما كانت التجربة قاسية، لقد أردت أن أُجرب، أن أمنح الفرص للآخرين، أن أراقب ما يحدث وكان لهذا ثمناً غالياً دفعته من عمري وطاقتي الصحية والنفسية. هكذا نتعلم فيصير بوسعنا تقليل عدد هفواتنا المستقبيلة، هكذا نتعلم قول لا للشخص الذي يبدأ معنا بطريقة نعرف تماماً أنها لن تنتهي على خير، نتعلم كيف ندير ظهرنا، وكيف ننسحب في الوقت المناسب وكيف نبتعد عمن يريد استنزافنا. ولكن ع...
Comments
Post a Comment