رسالة إلى صديقٍ غريب - نبال قندس

حياتي لم تكن سهلة، عليّ أن اعترف بهذا. ها أنا أحارب منذ ألف عام ولا أدري حتى اللحظة إن كانت حروبي ستنتهي أم لا.
الأمر أشبه بالغرق يا صديقي. حتى الصدفة، والحظ، لن يتيحا لي الارتماء على حافة النهر في لحظة عبور غريب يكتشف وجودي قبل خروج النفس الأخير، بل ستقودني إلى البحر، حيث الغرق أكبر. وهذا ليس تشاؤماً، فأنا أعبد الأمل!
لقد كانت مأساتي أنني لم أفقد الأمل حتى الآن، الأمل بماذا؟ لا أعرف ولا أريد أن أعرف المهم أن الأمل موجود في هذه الحياة وهذا كافٍ بالنسبة لي لأُمرر انتصاراتي الصغيرة من الفتحات الضيقة للحياة.
أما بعد أيها الصديق، ولماذا أكتب إليك في الساعة الخامسة فجراً، فحتى أنا لا أدري!
لا تتعجب من الأمر، ولا تتعجب من كلمة صديقي أيضاً، لنفترض أننا أصدقاء وهكذا ببساطة ينتهي الأمر.
على أي حال وقبل أن تدق الساعة الخامسة فجراً، ورغم أنّي لست مضطرة لتبرير الكتابة إليك في هذا الوقت، إلا أنني سأخبرك.
دخلت حافلةً ما وجلست بجوار النافذة وفتحت كتاب السفينة لأكمل القراءة كما اعتدت أن أفعل منذ سبعة أو ثمانية أعوام. أنا صديقة الحافلات لأنها تمنحني المزيد من الوقت للقراءة. المهم وكي لا نخرج عن القصة الأساسية مجدداً، بعدما فتحت الكتاب امتدت يدٌّ وأمسكت يدي، بالنسبة لي كان الأمر مفاجئاً، لكن المفاجأة الأكبر أنني حين قرر قلبي المرتجف رعباً النظر ناحية المقعد المجاور، كنت أنت هناك! يا للمصادفة! أنا لا أدري حتى الآن لماذا أيها الصديق الغريب، تستمر بالظهور لي كل مئة عام!

وهكذا برّرت لك، سبب الكتابة إليك في الخامسة فجراً، وقد قمت بالحقيقة بالبحث عنك ولم أجدك ولم أعرف ماذا سأفعل بهذه الرسالة، لكنني قلت لأكتبها الآن ثم بعدها نقرر. هل ترى؟ إنه الأمل مرة أخرى.
لماذا أحدثك عن الأمل وأكتب لك هذه الرسالة، التي حتماً لا تعنيك؟ ربما شعرت أنك متعب، حزين، تائه ربما. لا أدري، ولا أعطي نفسي الحق في التدخل فيما يحدث بينك وبينك. لكن شيئاً ما قال لي أنك لست بخير، ولهذا قررت أن أكتب هذه الرسالة الساذجة والسخيفة فقد تقرأها وربما ستبتسم وتقول يا اللهي من هذه المجنونة. وربما تدعو الأصدقاء من حولك لمشاركتك القراءة والضحك، وقد تتسلل امرأتك فتقرأ الرسالة أيضاً وتشتم وتزمجر وتغضب منك، فتقرر أن تخاصمك، لكنك تبرر لها أنك لا تعرف من هذه السيدة التي ترسل لك رسالة في الخامسة فجراً.
على كل حال، سوف أفتح النافذة، وأراقب المطر الآن. وأترك هذه الرسالة تسافر إلى قدرها المجهول، وأتمنى أن تضيع في الطريق، وأن يتم اعتقالها على أقرب حاجز عسكري، لكنني أرجو من الله أن لا يتّم اتهامها بتهم بشعة، فالكارما وروحي التي تعيش الآن في زمن آخر وفي جسد آخر هي من أمرتني بالكتابة.

Comments

  1. رساله مؤثره تعكس الف معنى ارجوا ان تصل لمن يهمه الامر ليتصل بك ويجعلك سعيده

    ReplyDelete
  2. ارجو الاتصال علئ هذا 0558910369

    ReplyDelete
  3. ارجو الاتصال علئ هذا 0558910369

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

رسائل ما بعد منتصف الليل

لم يكن وحيداً، كانت لديه مكتبة