راكب المقعد الأمامي - نبال قندس

مرة أخرى، لكن في المقعد الأمامي. يتكئ رأسه على يدّه اليمنى التي بدورها تستند إلى حافة النافذة. يمكنني أن أرى من موقعي بعض الشعر الأبيض الذي بدأ يغزو رأسه في هذا العمر المبكّر. أظافره مرتبه بطريقة تجعلك تتعجب أن هذه اليد، يدُّ شاب.
يضع سماعات الهاتف في أذنيه، لا مبالياً بصوت فيروز في مسجل الحافلة
يرتدي سترة سوداء جلدية، شعره مقصوص حديثاً على ما يبدو
يلتفت إلى اليمين قليلاً فأستطيع مشاهدة رموشه التي تكاد تلامس السماء

الشاب إلى جانبه، ينظر إليه بطرف عينه بين حين وآخر. والشابة إلى جانبي تنام على كتف امرأة إلى جانبها، لا تكترث مثلي بهذه الوجبة الروائية الدسمة التي تجلس أمامي.
ليس رجلاً عادياً على كل حال، فبوسعي أن أراه في رواية ما، بطلاً، أو فارساً نبيلاً على ظهر جواده.
صمته وهدوءه يدفعان امرأة ما إلى ملاحقته إلى آخر العالم لفكّ هذا الغموض المحيط به. قد تلحق بهِ إلى الحرب لتراه في بدلة عسكرية التي تمنح عينيه بعضاً من لونها، فيصير لهما لون زيت زيتون مضيء.
وقد تكتب له ألف رسالة، تمرّرها له فلا ينتبه وتضيع الرسائل.
وقد تعتزل العالم أعواماً طوال لتكتب فيه رواية واحدة.





Comments

Post a Comment

Popular posts from this blog

رسائل ما بعد منتصف الليل

رسالة إلى صديقٍ غريب - نبال قندس

لم يكن وحيداً، كانت لديه مكتبة