جنودُ يحملون الورد - معرض نون انكتاب للكتاب المستعمل

كما خلق الله الذين يقتلعون زهور الروح، وينثرون بذور الحقد والحرب، أوجد أيضاً من يزرعون في قلوبنا من كل صنفٍ ألف وردة.
وكما أرسل في الأرض من يعيثون فساداً، أرسل من يحملون على أكتفاهم جرار الماء الذي نسقى به بساتين أيامنا.
لم يُترك هذا العالم وحيداً لمواجهة الجبابرة والطغاة. على العكس تماماً، مقابل كل جندي يحمل بندقية ليرفعها في وجهنا، هناك جنديٌ من صُلبنا، جاء يحمينا، ويقدّم لنا أسباب السعادة.
هكذا كان معرض نون، وهكذا كان المتطوعون والمنظمون والرعاة الذين تعبوا وفكروا وقاموا بكل شيء لأجلنا. لتدخل السعادة والبهجة إلى أرواحنا.
ثلاثة أيام أخرجتنا من روتين الحياة، ومن تعب العمل، ومن همّ الحروب والقتل والصراعات الطويلة على لا شيء.
ثلاثة أيام تمنيت وكثرٌ غيري أن تستمر لوقتٍ أطول، وأن تمتد إلى مساحات أوسع، لتصل إلى كل العالم وتدخل البهجة على جميع القلوب.
كم نحن عطشى لفعاليات مثل هذه، تشعرنا بإنسانيتنا، وأن باستطاعتنا اقتناء الكتب المتنوعة، والحديث عنها مع أصدقاء صاروا أصدقاءنا حين التقينا في حديقة/ساحة المعرض، تعلمنا منهم وتعلموا منا. غَرَفنا من ماء أنهارهم، والتقت جداولنا.
لم يقتصر المعرض على بيع الكتب بتكلفة قليلة تناسب ذوي الدخل المحدود، بل شمل العديد من الفعاليات. وتنوعت ما بين حفلات توقيع الكتب، ومنصة لعرض المواهب من غناء وعزف وغيرها. إضافة إلى ورشات العمل الخاصة بالقراءة والكتابة.
وحتى الأطفال نالوا نصيبهم من هذا المهرجان الرائع، فكانت لهم خيمة فيها كتب ورسم على الوجوه وأمور أخرى.
الحضور المميز، والتنظيم، الذي رأيناه في المعرض وفي أمسية الشاعرين مريد وتميم البرغوثي لم يأت عبثاً وما هو إلا انعكاس ونتيجة حتمية لمجموعة عملت بتعاضد كخلية نحل نشيطة. عملوا بجدّ رغم انشغالاتهم في أعمالهم الخاصة، وحياتهم المدرسية والجامعية والشخصية، ليمهدوا أمامنا السُبل والدروب.
وأقل ما يمكن أن نقدمه مقابل العطاء الذي غمرونا به، أن نحمل لهم في قلوبنا كل الاحترام والتقدير والامتنان. وأن نذكر هذا المعرض، ومؤسسة انكتاب والقائمين عليها ونبذل كل جهدنا لدعم المعرض في السنوات القادمة، ونحاول تعميم فكرة جميلة مثل هذه في جميع المدن في بلادنا العربية.
لنزرع ورداً وحباً في كل مكان.

شكراً لكم أيها العظماء


Comments

Popular posts from this blog

رسائل ما بعد منتصف الليل

رسالة إلى صديقٍ غريب - نبال قندس

لم يكن وحيداً، كانت لديه مكتبة