لماذا أكتب؟ - نبال قندس

لماذا أكتب؟
لأن الجندي الذي يوقف حافلتنا جانباً –كل يوم تقريباً – ويفتح بابها بكل ما أوتي من حنق، ثم يصرخ في الركاب طالباً منا "الهويات" ليصفق الباب مرة أخرى عائداً إلى زملائه يثير استفزازي، أكتب. ولأن هذه الكتابة قد تكون هي المحرك الذي يدفع عجلة هذا العالم للتقدم قليلاً لتزيح هذا الجندي عن طريقنا وبالتالي يكون باستطاعتي أن أصل باكراً إلى المنزل. ويكون أيضاً باستطاعتي أن أغير اتجاه المنزل فلا يعود المنزل المؤقت في شمال الضفة الغربية أكثر من محطة قديمة، نعود إليها بين حين وآخر لنلقي التحية ونعود إلى منزلنا في حيفا.
أكتب، لأنني كلما قرأت كتاباً قلب حياتي رأساً على عقب وفتح في عقلي ألف نافذة جديدة يدخل منها الهواء النقي إلى أعماق روحي، فاختلفت نظرتي للحياة عرفت إلى أي مدى مهمةٌ هي الكتابة

أكتب لأكون سبباً في حدوث مثل هذه العواصف. أو لأكون ضوءاً يُسلّطُ على قضية ما، أيّاً كان حجمها فيكون في هذا الضوء نصف الدواء وخطوة أولى نحو الحل أو شمعة صغيرة تقود نحو طريق ما.
أكتب، لأن ما قرأته منذ طفولتي وحتى الآن ساهم في تشكيلي وصقلي وإعادة ترتيبي مئات المرات لأكون ما أنا عليه الآن فأنشأ في نفسي دافعاً لكتابة ما يساعد طفلاً سيولد في مكان ما وزمان ما على تشكيل ذاته وطرح تساؤلاته والبحث عن هويته.
أكتب لأن صوتي يصير أكثر صدقاً وشفافية حيث أضعه على الورق، ولأن هناك مئات البشر الذين يقطنون في رأسي ويصرخون باستمرار طالبين حريتهم. ولأن الأفكار لا تموت أبداً، وكل فكرة شجرة. 


أكتب لأن الكتابة تنتصر على الطغاة والظلم والجوع والبرد ولأنني ما زلت مصرّة على قولي هذا: "قطعوا رأسه كي تُشلَّ حركة أفكاره، تدحرج الرأس على المنصة، وقفزت الأفكار لرأس الجمهور"

Comments

  1. This comment has been removed by the author.

    ReplyDelete
    Replies
    1. This comment has been removed by the author.

      Delete
  2. كلماتك أحيانا تشبهني
    موفقة نبال، وإلى الأمام

    ReplyDelete
  3. This comment has been removed by the author.

    ReplyDelete
  4. اعلم ان تعليقي هذا جاء متأخرا لكن صدقيني أنا جدا معجبة بشخصيتك بت أرى فيك قدوة لي لست صديقة لك على الفيسبوك و لم اتواصل معك سوى مرة فقط كانت حول رواية "يافا حكاية غياب و مطر" لكنني أتابعك و أتابع كتاباتك بشدة
    أحبك جدا و كل التوفيق

    ReplyDelete
  5. اعلم ان تعليقي هذا جاء متأخرا لكن صدقيني أنا جدا معجبة بشخصيتك بت أرى فيك قدوة لي لست صديقة لك على الفيسبوك و لم اتواصل معك سوى مرة فقط كانت حول رواية "يافا حكاية غياب و مطر" لكنني أتابعك و أتابع كتاباتك بشدة
    أحبك جدا و كل التوفيق

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

رسائل ما بعد منتصف الليل

رسالة إلى صديقٍ غريب - نبال قندس

لم يكن وحيداً، كانت لديه مكتبة