لم يكن وحيداً، كانت لديه مكتبة
"لم يكن وحيداً، كانت لديه مكتبة"
في العام الماضي كتبت هذه الجملة وقررت أن يكون
عاماً مُختلفاً برفقة الكتب.
لم تكن هذه العبارة بمثابة إيحاءٍ بأن من يقف
وراءها شخصية انطوائية، على العكس تماماً، لدي عدد جيد من الأصدقاء الرائعين
"الذين أكاد أحسد نفسي عليهم" أرافقهم منذ أعوام طويلة. وكتبي في هذه الحالة لا تقل مكانة عنهم بل تقف
في صفٍ واحد معهم جنباً إلى جنب لتدعم صمودي في هذه الحياة.
عام من الحب والكتب ورائحة الورق، عامٌ كامل كنت أجمع فيه الكتاب تلو الآخر من شتى بلاد العالم، لتقطع
الكتب مسافاتٍ طويلة حتى تصل في نهاية المطاف بعد تنقلٍ بين يدٍ وأخرى، إلى يدي
المتلهفة.
في كل كتابٍ أقرأه، كانت تنشأ علاقة ما بيني وبين
شخصيات الكتاب الذين يصبحون أصدقائي، يرافقونني إلى العمل ويعودون معي بعد نهارٍ
منهك إلى البيت لنجلس سوياً في ساعةٍ متأخرة من المساء ونكمل رحلتنا. نطلق العنان
للخيال فيأخذنا إلى أماكن بعيدة وأزمنة أبعد، فأختار أنا أعود برفقة أحد الكتب مائة
عام للوراء أتجوّل في روسيا برفقة دوستويفكسي فأسجن مرة في سيبيريا وأتعرف إلى
زملائي السجناء، ثم أخرج من سجني لأقامر بكل الروبلات التي أملكها مع صديقي ألكسي إيفانوفتش وحين أخسر كل ما
أملك أجلس إلى مكتبي وأكتب رسالة لفارفارا أليكسييفينا حول غرفتي المستأجرة في نزل
الفقراء. ثم انتقل من روسيا إلى التشيك مرة برفقة ميلان كونديرا وأخرى برفقة فرانز
كافكا وفي براغ أسير في المظاهرات، أهتف ضد النازية، ثم إلى صحراء عبد الرحمن
مُنيف الواسعة أرقب بتوترٍ واضح اكتشاف النفط وما صنع بالبيئة المحيطة ومنها إلى
الصومال حيث كانت تعدو سامية يوسف استعداداً لأولمبياد لندن ثم أترك سامية لأذهب
في رحلة بحث داخل خرائط التيه عن مشاري وغيره من الأطفال المختطفين برفقة بثينة
العيسى.
ومن الماضي، أسبق العالم إلى المستقبل المجهول
حيث يمكن للخيال أن يفتح العديد من الأبواب المغلقة على اختراعات جديدة وكونٍ لا
يمكن حصره في إطار.
في الأوقات التي يضيق فيها العالم تكون المكتبة
فضاءً رحباً وفي الوقت الذي تدور فيه الحياة، يرحل أصدقاء ويأتي آخرون، تتبدل
أشياء كثيرة بينما تبقى الكتب على الرّف في انتظارنا مهما ابتعدنا.
في الحزن والفرح والحب واليأس والملل والمرض
والموت والخذلان والأمل والتحدي والإصرار والنجاح سيكون هناك كتاب نقرأه يُمسك
بأيدينا ويدفعنا للأمام ويفجر في داخلنا أنهاراً وأفكاراً وواقعاً جديداً نصنعه
بسواعدنا.
ممتنة لمكتبتي، لكل كتاب على الرف وكل كاتبٍ خلق
هذه الدهشة وكل صديق أهداني كتاباً وساهم في زيادة رصيدي المعرفي وكل من قرأ وناقش
معي كتاباً فأضاء لي نواحٍ لم تكن بذاك الوضوح.
وحشتني كتاباتك ..
ReplyDeleteتعجبني جدا كلماتك.... رائعه.
ReplyDeleteمن اروع ما قرأت سلمت أناملك
ReplyDeleteمميزة نبال ..استمري واتحفينا
ReplyDeleteكلماتك دائماً ينطق بها قلبك وليس لسانك.. مبدعة
ReplyDelete"لم يكن وحيداً، كانت لديه مكتبة"
ReplyDeleteليست جملة بل نمط حياة وشعار معبر جدا
شاكر ليك
افتقدك بشده ... دياموا
ReplyDeleteرائع وجميل جدا
ReplyDelete